الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فهذه جملة من الأحاديث والأقوال وفتاوى كبار العلماء بأن وجوب بر الوالدين وطاعتهما، والحذر من عقوقهما وتنكّر جميلهما.
قال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا [الإسراء:24،23].
كيف يكون البر بالوالدين؟
سُئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين: كيف يكون البر بالوالدين؟ وهل تجوز العمرة عن أحدهما رغم أنه أداها من قبل؟
فأجاب فضيلته: (إن البر بالوالدين يعني الإحسان إليهما بالمال والجاه والنفع البدني، وهو واجب.
وعقوق الوالدين من كبائر الذنوب، وهو منع حقهما، والإحسان إليهما في حياتهما معروف.
وكما ذكرنا آنفًا يكون بالمال والجاه والبدن؛ وأما بعد موتهما فيكون برّهما بالدعاء لهما والاستغفار لهما، وإنفاذ وصيتهما من بعدهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا صلة لك بها إلا بهما.
هذه خمسة أشياء من بر الوالدين بعد الموت.
أما الصدقة عنهما فهي جائزة، ولكن لا يقال للولد تصدق، بل يقال إن تصدقت فهو جائز، وإن لم تتصدق فالدعاء لهما أفضل؛ لقول النبي: {إذا مات الانسان انقطع عمله إلا من ثلاث: إلا من صدقة جارية، وعلم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له}.
فذكر النبي الدعاء بمقام التحدث عن العمل، فكان هذا دليلًا على أن الدعاء للوالدين بعد موتهما أفضل من الصدقة عنهما.
وأفضل من العمرة لهما، وأفضل من قراءة القرآن لهما، وأفضل من الصلاة لهما؛ لأن النبي لا يمكن أن يعدل عن الأفضل إلى المفضول؛ بل لابد أن يبين عليه الصلاة والسلام ما هو الأفضل ويبين جواز المفضول.
وقد بيّن في هذا الحديث ما هو الأفضل.
أما بيان جواز المفضول فإنه جاء في حديث سعد بن عبادة حين استأذن النبي أن يتصدق عن أمه، فأذن له.
وكذلك الرجل الذي قال: يا رسول الله، إن أمي افتُلتت نفسها - أي ماتت بغتة - وأظنها لو تكلمت لتصدقت، فهل أتصدق عنها؟ قال: {نعم}.
المهم أنني أشير على الأخ أن يكثر من الدعاء لهما بدلًا عن أداء العمرة أو الصدقة أو ما أشبه ذلك؛ لأن هذا هو الذي أرشد إليه النبي.
ومع هذا لا ننكر عليه إن تصدق أو اعتمر أو صلى أو قرأ القرآن وجعل ذلك لوالديه أو أحدهما، أما لو كانا لم يؤديا العمرة أو الحج فإنه قد يقال: إن أداء الفريضة عنهما أفضل من الدعاء، والله أعلم) [فتاوى إسلامية].
ويقول الشيخ كذلك: (إن حق الوالدين عليك أن تبرهما، وذلك بالإحسان إليهما قولًا وفعلًا بالمال والبدن، تمتثل أمرهما في غير معصية الله.
وفي غير ما فيه ضرر عليك، تلين لهما القول، وتبسط لهما الوجه، وتقوم بخدمتهما على الوجه اللائق بهما، ولا تتضجر منهما عند الكبر والمرض والضعف، ولا تستثقل ذلك منهما.
فإنك سوف تكون بمنزلتهما، سوف تكون أبًا كما كانا أبوين، وسوف تبلغ الكبر عند أولادك - إن قُدّر لك البقاء - كما بلغاه عندك، وسوف تحتاج إلى بر أولادك كما احتاجا إلى برك.
فإن كنت قد قمت ببرهما فأبشر بالأجر الجزيل والمجازاة بالمثل، فمن برّ والديه برّه أولاده، ومن عق والديه عقه أولاده، والجزاء من جنس العمل، فكما تدين تدان).
أمك... ثم أمك
سُئل فضيلة الشيخ عبدالله بن جبرين: لماذا فضّل الله الأم على الأب، وقد خصّ الرسول الأم ثلاث مرات والأب مرة واحدة؟
فأجاب فضيلته: (ثبت في الصحيح عن أبي هريرة أن رجلًا قال: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: {أمك} قال: ثم من؟ قال: {أمك} قال: ثم من؟ قال: {أمك}. قال: ثم من؟ قال: {أبوك}.
وفي رواية قال: {أمك، ثم أمك، ثم أمك، ثم أبوك، ثم أدناك أدناك}.
وفي هذا عظم حق الأم على الولد حيث جعل لها ثلاث حقوق؛ وسبب ذلك أنها صبرت على المشقة والتعب، ولاقت من الصعوبات في الحمل والوضع والفصال والرضاع والحضانة والتربية الخاصة ما لم يفعله الأب، وجعل للأب حقًا واحدًا مقابل نفقته وتربيته وتعليمه وما يتصل بذلك، والله أعلم) [فتاوى إسلامية].
سُئل سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز: أريد أن أتزوج ثيبًا ووالدي موافق على ذلك، والبنت وأهلها موافقون أيضًا على زواجي منها.
إلا أن والدتي غير موافقة ولا ترضى بذلك.. هل أتزوج هذه المرأة دون النظر إلى رضاء أمي أم لا؟ وهل إذا تزوجتها أكون عاقًا لوالدتي؟ أفيدوني جزاكم الله خيرًا.
فأجاب سماحته: (حق الوالدة عظيم وبرها من أهم الواجبات؛ فالذي أنصحك به ألا تتزوج امرأة لا ترضاها والدتك؛ لأن الوالدة من أنصح الناس لك، ولعلها تعلم منها أخلاقًا تضرك.
والنساء سواء كثير، وقد قال الله سبحانه: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ [الطلاق:3،2].
ولا شك أن برّ الوالدة من التقوى إلا أن تكون الوالدة ليست من أهل الدين والمخطوبة من أهل الدين والتقوى. فإن كان الواقع هو ما ذكرنا فلا تلزمك طاعة أمك في ذلك؛ لقول النبي: {إنما الطاعة في المعروف}.
وفق الله الجميع لما فيه رضاه، ويسّر لك ما فيه صلاحك وسلامة دينك) [فتاوى إسلامية].
قال الشاعر:
لأمك حق عليك لو علمت كثيرُ *** كثيرك يا هذا لديه يسيرُ
فكم ليلة باتت بثقلك تشتكي *** لها من جواها أنّة وزفير
وكم غسلت عنك الأذى بيمينها *** وما حجرها إلا لديك سرير
وكم مرة جاعت وأعطتك قوتها *** حنانًا وإشفاقًا وأنت صغير
فدونك فارغب في عميم دعائها *** فأنت لما تدعوه إليه فقير
بر الوالدين مقدم على الجهاد والهجرة
عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى النبي يستأذنه في الجهاد فقال: {أحي والداك؟} قال: نعم. قال: {ففيهما فجاهد} [رواه مسلم].
وعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: أقبل رجل إلى نبي الله فقال: أبايعك على الهجرة والجهاد، أبتغي الأجر من الله.
قال: {فهل والديك أحد حيّ؟} قال: نعم، بل كلاهما. قال: {فتبتغي الأجر من الله؟} قال: نعم. قال: {فارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما} [رواه مسلم].
طاعتهما في غير معصية الله
سُئل سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز: إذا أمرني والدي أن أترك أصحابًا طيبين، وزملاء أخيارًا، وألا أسافر معهم لأقضي عمرة مع العلم بأني في طريقي إلى الالتزام، فهل تجب عليّ طاعتهما في هذه الحالة؟
فأجاب سماحته: (ليس عليك طاعتهما في معصية الله، ولا فيما يضرك، لقول النبي: {إنما الطاعة في المعروف}، وقوله: {لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق}. فالذي ينهاك عن صحبة الأخيار لا تطعه، لا الوالدين ولا غيرهما.
ولا تطع أحد في مصاحبة الأشرار أيضًا، لكن تخاطب والديك بالكلام الطيب، وبالتي هي أحسن، كأن تقول: يا والدي كذا، ويا أمي كذا، هؤلاء طيبون، وهؤلاء أستفيد منهم، وأنتفع بهم.
ويلين قلبي معهم، أتعلم العلم وأستفيد؛ فترد عليهما بالكلام الطيب، والأسلوب الحسن، لا بالعنف والشدة. وإذا منعاك فلا تخبرهما أنك تتبع الأخيار، وتتصل بهم، ولا تخبرهما أنك ذهبت مع أولئك إذا كانا لا يرضيان بذلك.
ولكن عليك ألا تطعهما إلا في الطاعة والمعروف. وإذا أمراك بمصاحبة الأشرار أو أمراك بالتدخين أو شرب الخمر أو بالزنى أو بغير ذلك من المعاصي فلا تطعهما، ولا غيرهما في ذلك، للحديثين المذكورين آنفا. وبالله التوفيق) [فتاوى إسلامية].
وسُئل سماحته أيضًا: أبي يشرب الدخان وهو يأمرني أن أذهب إلى السوق لأشتري له دخانًا، فهل أطيعه؟ وإذا أطعته فهل عليّ إثم علمًا أنني إذا لم أطعه قد تحصل مشكلة؟ أفيدوني جزاكم الله خيرًا.
فأجاب سماحته: (الواجب على أبيك ترك الدخان لما فيه من المضار الكثيرة وهو من الخبائث التي حرمها الله سبحانه في قوله عز وجل عن نبيه: وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ [الأعراف:157].
والله عز وجل إنما أحلّ لعباده الطيبات كما في هذه الآية الكريمة، وكما في قوله في سورة المائدة: يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ [المائدة:4].
فأوضح سبحانه أنه لم يحل لعباده إلا الطيبات، والدخان ليس من الطيبات، بل هو من الخبائث الضارة، فالواجب على أبيك وعلى غيره ممن يتعاطى التدخين التوبة إلى الله سبحانه من ذلك.
وعدم مجالسة من يتعاطاها؛ ولا يجوز لك أن تعينه في ذلك ولا في غيره من المعاصي؛ لقول الله سبحانه: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [المائدة:2].
وعليك وعلى إخوانك وأعمامك - إن كان لك إخوان وأعمام - مناصحته وتحذيره من تعاطيه، عملًا بالآية المذكورة وبقول النبي: {الدين النصيحة} قيل: لمن يا رسول الله؟ قال: {لله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم} [أخرحه مسلم].
وأسأل الله أن يوفق أباك للخير، وأن يعينه على التوبة من هذه المعصية وغيرها، وأن يجعلك من أعوانه على الخير إنه سميع قريب).
تأمّل:
رأى ابن عمر رضي الله عنهما رجلًا قد حمل أمه على رقبته وهو يطوف بها حول الكعبة، فقال: يا ابن عمر! أتراني جازيتها؟ قال: ولا بطلقة واحدة من طلقاتها، ولكن قد أحسنت، والله يثيبك على القليل كثيرًا.
وقال سفيان بن عيينة: (قدم رجل من سفر، فصادف أمه قائمة تصلي، فكره أن يقعد وأمه قائمة، فعلمت ما أراد، فطوّلت ليؤجر).
بر أباك كما تبر أمك:
سُئل سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز: أنا موظف حكومي في السلك العسكري وأستلم مبلغًا لا بأس به، وأقدم جزءًا منه إلى أمي تقديرًا لها على تحمل نفقتي في السابق، ولا أعطي الوالد منه شيئًا؛ لأنني لم أتلق منه أية مصروفات حتى وأنا صغير؛ فهل عليّ إثم في ذلك؟
فأجاب سماحته: (بر الوالدين من أهم الواجبات وإن كانا لم ينفقا عليك في الصغر؛ لقول الله سبحانه: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [الإسراء:23] وقوله سبحانه: أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ [لقمان:14].
ويجب عليك أن تبر أباك وتحسن إليه في الفعل والقول، وإذا كان ذا حاجة فعليك أن تواسيه من مرتبك على وجه لا يضرك ولا يضر عائلتك؛ لقول النبي: {لا ضرر ولا ضرار}.
وله أن يطالبك بما يحتاج إليه من المال إذا كان عندك فضل؛ لقول النبي: {إن أطيب ما أكلتم من كسبكم، وإن أولادكم من كسبكم}.
فنوصيك به خيرًا وبأمك، وأن تجتهد في برهما والإحسان إليهما والحرص على كسب رضاهما؛ لقول النبي: {رضا الله في رضا الوالدين، وسخطه في سخط الوالدين}. وفق الله الجميع) [فتاوى إسلامية].
بر الوالدين يزيد في العمر والرزق
عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله: {من سرّه أن يمدّ له في عمره، ويزداد في رزقه فليبر والديه، وليصل رحمه} [رواه أحمد].
وعن ثوبان قال: قال رسول الله: {إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه، ولا يرد القدر إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البرّ} [رواه ابن ماجه وابن حبان].
كيف أبر أمي بعد موتها؟
فأجاب سماحته: (ثبت عن النبي أنه سأله سائل فقال: يا رسول الله، هل بقي من برّ أبويّ شيء أبرهما به بعد موتهما؟
فقال عليه الصلاة والسلام: {الصلاة عليهما والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما}. هذا كله من بر الوالدين بعد وفاتهما.
فنوصيك بالدعاء للوالدة والاستغفار لها، وتنفيذ وصيتها الشرعية، وإكرام أصدقائها، وصلة أخوالك وخالاتك وسائر أقاربك من جهة الأم. وفقك الله ويسّر أمرك، وتقبل منا ومنك ومن كل مسلم. والله الموفق) [مجموع فتاوى ابن باز].
وعن أبي بردة قال: قدمت المدينة فأتاني عبدالله ابن عمر فقال: أتدري لما أتيتك؟
قال: قلت: لا. قال: سمعت رسول الله يقول: {من أحب أن يصل أباه في قبره فليصل إخوان أبيه بعده} وإنه كان بين أبي عمر وبين أبيك إخاءٌ وودّ، فأحببت أن أصل ذاك. [رواه ابن حبان].
قال الشاعر:
زر والديك وقف على قبريهما *** فكأنني بك قد حملت إليهما
ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟
سُئل فضيلة الشيخ عبدالله بن جبرين: بعض الشباب هداهم الله يعق والديه، ويرفع صوته عليهما، وينسى فضل والديه عليه، فبماذا توجهون هؤلاء؟
وهل العقوق كبيرة من كبائر الذنوب؟ وهل لا بد للعاق أن يتوب؟ وإذا لم يتب فهل يناله عقاب من الله؟
فأجباب فضيلته: (قد أوصى الله بالوالدين وقرن حقهما بحقه تعالى كما في قوله: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا [الإسراء:24،23].
فبدأ بحقه تعالى ثم بالإحسان إلى الأبوين، فإن بلغا عنده الكبر وطعنا في السن فلا ينهرهما ولا يتأفف منهما، بل يلين لهما القول ويتواضع لهما ويرحمهما، ويدعو الله لهما بالرحمة، ويتذكر إحسانهما إليه في الصغر.
وقد جعل النبي العقوق من الكبائر، بل من أكبر الكبائر كما في حديث أبي بكرة أن النبي قال: {ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟} قالوا: بلى، قال: {الإشراك بالله وعقوق الوالدين}.
ونهى عن التسبب في شتم الوالدين بل جعله من الكبائر، فقال: {من الكبائر شتم الرجل والديه} قالوا: وكيف يشتم أو يسب الرجل والديه؟
فقال: {يسب أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه} أي: يصير متسببًا. وقال: {لعن الله من لعن والديه}.
فعلى المسلم أن يعرف حق أبويه ويعترف بإحسانهما، ويلين لهما القول ويتواضع لهما، ويلبي طلبهما مهما كلفه، ويحرص على مجازاتهما بقدر ما يستطيع، ويتوب إلى الله تعالى من كل ذنب صدر منه في حقهما، ويسألهما الرضا عنه والعفو عما صدر منه، فقد قال النبي: {رضا الرب في رضا الوالدين، وسخط الرب في سخط الوالدين} والله أعلم).
فائدة:
عن مجاهد قال: (لا ينبغي للولد أن يدفع يد والده إذا ضربه، ومن شدّ النظر إلى والديه لم يرهما، ومن أدخل عليهما ما يحزنهما فقد عقهما).
وقال الحسن بن علي رضي الله عنهما: (لو يعلم الله شيئًا من العقوق أدنى من: "أف" لحرّمه).
العاق لا يدخل الجنة ولا ينظر الله إليه يوم القيامة:
عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن رسول الله قال: {ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه، ومدمن الخمر، والمنان. وثلاثة لا يدخلون الجنة: العاق لوالديه، والديوث، والرجلة} [رواه النسائي والحاكم].
العاق لا تقبل منه الأعمال:
عن أبي أمامة قال: قال رسول الله: {ثلاثة لا يقبل الله عز وجل منهم صرفًا ولا عدلًا: عاق، ومنان، ومكذب بالقدر} [رواه ابن أبي عاصم بإسناد جيد].
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
المصدر: موقع كلمات